كلمة الترحيب

      الموروث الإنسانيّ كنز معرفيّ من كنوز الماضي يعكس من جهة صورة اصحابها في حياتهم وتاريخهم ويشكّل من جهة اخرى اهميّة بالغة لكلّ أمّة لما تحمله من درر ومعلومات.

     تزخر البلاد التونسيّة برصيد ثريّ من المخطوطات حيث تشتمل على نفائس موزّعة بين دار الكتب الوطنيّة والمكتبة الأثريّة برقّادة بالقيروان وبعض الزّوايا والمكتبات الخاصّة بتونس العاصمة من بينها مكتبة حسن حسني عبد الوهاب ومكتبة عائلة بن عاشور و  بجزيرة جربة مكتبة عائلة الباروني ومكتبة الشّيخ سالم بن يعقوب ومكتبة الباسّي ومكتبات المساجد والجوامع.

     تعتبر جزيرة جربة بحكم تاريخها العريق خير شاهد حيّ على مميّزات

الحضارات المتوسّطيّة المتعاقبة حسبما وصفه الباحثون والرّحّالة ورجال العلم عموما

وحرصا من الجربيّين على تراثهم الأصيل أنشأوا وقفا بالقاهرة  يعرف بوكالة الجاموس الّتي كانت مهدا لتأسيس مكتبتين هامّتين للمخطوطات: البارونيّة واليعقوبيّة.

  وتوالت بركات قافلة الحبس فسدّت حاجة الأبدان والعقول وتأسّست  المكتبة البارونيّة فكانت مركزا للّتنمية الّثقافية ومهدا لتحصيل العلم النّافع ومجالا للتّوعية.

     ظلّ باب المكتبة البارونيّة مفتوحا أمام الباحثين والمطالعين والدّارسين يرتادونها ويلتقطون دررها فاصبحت نموذجا للتّواصل بين المشرق والمغرب. فبدعم واسناد عماني عرفت كتبها نسخا وتحبيسا وحفظا جربيّا كما فهرستها بحرفيّة  اياد مزابيّة علما بانّ أصل العائلة البارونيّة نفوسيّ .

بتوفيق من المولى حرص المشرفون على المكتبة على تنفيذ  وصيّة الجدّ المحبّس تثبيتا للاجر فحيثما حلّ الأبناء والأحفاد نفع الله بهم كالغيث...  بارك الله في تظافر هذه الجهود ويسّر للمكتبة الإشعاع المنتظر منها.

   للّتذكبر تغطّي هذه المخطوطات مختلف اصناف المعرفة كاللّغة والآدب  والمعارف الإنسانيّة والعلوم والفنون لذلك فانّ الوعي يقتضي منّا أن نحفّ ما وصل لنا من ماضينا بأكفّ العناية وعين الرّعاية والاّ ندّخر جهدا في سبيل الإبقاء على تراثنا حيّا على الورق ورقميّا على مواقع الإنترنت لكي ينهل منه الباحثون والدّارسون وطلبة العلم.

الأستاذ سعيد بن يوسف الباروني

أمين المكتبة البارونيّة وباحث في التّراث