سفره إلى مصر القاهرة ومدة مكوثه فيها

وإذا أغفلت المصادر تاريخ سفره إلى القاهرة- مصر، لمواصلة دراسته في الأزهر وفي وكالة الجاموس؛ فإنّ أقدم تاريخ نسخ له في هذه البلاد هو: 7 جمادى الأول 1213ه/ 1798م([1])، ولعلّ آخر تاريخ نسخ له في بلده الأصليّ قبل سفره إلى القاهرة، هو: الجمعة أوائل جمادى الثّاني 1212هـ/ 1797م، وقد وقّع في خاتمة النّسخ بـ: سعيد بن عيسى البروني نسبا الجادوي مسكنا([2])؛ وإثبات نسبته إلى قرية جادو، وأنّ مسكنه فيها.. يمكن أن نتّخذه قرينة على أنّه نسخ نسخته فيها، فيكون قد سافر إلى مصر، وهو ابن 25 سنة على الأكثر، وهي سنّ اشتداد الشّباب، واستكمال تلقِّي مبادئ العلوم اللّغوية والشّرعيّة، ويبقى احتمال سفره قبل ذلك ممكناً.

وإذا صحّ أنّ الشّيخ سعيد رحل إلى مصر بعد ذلك التّاريخ المحدّد، لما يمكن عدُّه آخر نسخٍ له في بلدته جادو؛ فيمكن القول إنّه دخل مصر بعد ذلك التّاريخ، وهو أوائل جمادى الثاني 1212هـ/ 1797م، وقبل الحملة الفرنسيّة بقيادة نابليون على مصر يوم 1 جويلية 1798م/ 18 محرم 1213هـ([3])، وأمّا عن عودته من مصر؛ ففي مكتبته نسْخٌ له لمؤلَّف في قرية جادو بتاريخ: 17 رجب 1234هـ/ 1819م([4])، وهو التّاريخ القريب المحتمل لعودته من مهجره، فيكون قد مكث هناك ما يقرب من عشرين عاما([5])، وهي مدّة مقبولة، باعتبار أنّه درس ودرّس في وكالة الجاموس كما تذكر المصادر؛ فأمّا أنّه درَس فهذا ما يناسب أمثاله من الشّباب المغتربين في هذه الحاضرة العلمّية، وأمّا أنّه درّس فهذا ما جاء به التّصريح في رسالة وردت إليه من مصر؛ تطلعه على بعض أحوال الأزهر ووكالة الجاموس، وفيها مدح لطريقته في التّدريس وأثرها في طلبته لمّاكان هناك، كما أنّ فيها طلب إبداء الرّأي في بعض المسائل، الّتي اختلف فيها مَن في الوكالة من الطّلبة والمشايخ([6])، ويبقى احتمال أنّ صاحب الرّسالة يمدح طريقة تدريسه في الجامع الكبير وارد أيضا.

 

([1])ينظر: خاتمة النّاسخ في نسخة من حاشية البيوع من الإيضاح؛ برقم: 126 في المكتبة.

([2]) ينظر: خاتمة النّاسخ في نسخة من حاشية الشّفعة وغيرها من الإيضاح؛ برقم: 193 في المكتبة، ص21.

([3]) مثل هذا الحدث الكبير لم يمر على الشيخ دون تسجيل؛ فقد كتب في خاتمة نسخه لحاشية الوضع: ناسخها ومتممها... سعيد بن عيسى البروني النفوسي نسبا الفساطوي مسكنا... ووقع الفراغ منها عشية يوم الاربعاء من شهر الله المعظم شعبان 1213ه، وذلك بالديار المصرية بوكالة الجاموس... وهذه السنة هي سنة دخول الإفرنسيس مصر وملكهم لها أزالهم الله منها. ينظر: حاشية الوضع، برقم: 118 في المكتبة.

([4]) ينظر: شرح الأصول الدّينيّة مشتملا على تلخيص معاني القصيدة النّونيّة (مصدر سابق)؛ ص193.

([5]) هذه المدّة المقدّرة هنا، انطلاقا من تواريخ النّسخ، قد ذكر مثلها الباحث أ. أحمد بن مهنّي مصلح، وإن لم يذكر مصدرها، وأيضا قد ذكر وجود الشّيخ سعيد في الوكالة في الفترة من 1250-1300هـ/ 1834-1882م، وهذا يتعارض مع تواريخ نسخه في الوكالة كما في الأعلى، وأيضا مع توّليه رئاسة التّدريس في الجامع الكبير بعد وفاة الشّيخ سليمان الشّمّاخي في الحجّ سنة 1234هـ، ويتعارض مع تاريخ وفاته أيضا، ينظر: الوقف الجربيّ في مصر ودوره في التّنمية الاقتصاديّة والاجتماعيّة والثّقافية من القرن العاشر إلى القرن الرّابع عشر الهجريّين (وكالة الجاموس نموذجا)، طبع الأمانة العامّة للأوقاف، ط1-1433ه/2012م، ص63.

([6]) ينظر: محمّد البروني، رسالة إلى الشّيخ سعيد البروني، برمز: رب14 في المكتبة.