انتقاله إلى جربة وإسناد رئاسة مجلس التدريس إليه

يبدو أن مكوث الشّيخ سعيد في قريته بجبل نفوسة جادو بعد عودته من مصر لم يطل، فقرّر القيام بزيارة جربة زيارة إخوانيّة؛ فاستقبله أهلها بالحفاوة البالغة، ومكّنوه من إلقاء دروس في جملة من مساجدها، ويبدو أنّ هذه الزّيارة صادفت وفاة الشّيخ سليمان بن محمّد الشّمّاخي([1]) في مكّة سنة 1234هـ/ 1819م([2])، فكان أن عرض الشّيخ صالح بن محمّد بومسور على الشّيخ سعيد أمر تولِّي رئاسة التّدريس في مدرسة الجامع الكبير([3])، وإذا قدّرنا أنّ الشّيخ سعيد قَبِل بهذا العرض مباشرة؛ فإنّ سنة هذه التّولية ستكون تقريبا سنة 1235هـ/ 1820م، هذا مع مراعاة وفاة الشّيخ سليمان في الحجّ في آخر شهور السّنة، ووصول نعيه إلى جربة.

 

([1]) سُلَيْمَانُ بن مُحَمَّد بن عُمَر الشَّمَّاخِيُّ النَّفُوسِيُّ الْجِرْبِيُّ أبو الرَّبِيع )1234هـ/ 1819م) علاّمة فقيهٌ زاهدٌ، دَرَسَ على المُحَشِّي الثّانِي الشّيخِ يوسُف بن مُحَمَّد المصْعَبي (ت1187هـ) بِمَدرسة الجامع الكبير؛ كما يُحَدِّثُ عن نفسه، ثُمَّ أخَذَ العِلْمَ عن ابنه الشّيخ مُحَمَّد بن يُوسُفَ بنِ مُحَمَّد المُصْعَبِيّ (ت1207هـ) بعد وفاة أبيه. ولَمَّا قَرُبَتْ وفاةُ الشّيخ محمَّد المصعبي أوصى بتَوْلِيَةِ رئاسة مَجْلِسِ التّدريس بالجامع الكبير للشّيخ سليمان (الْمُتَرْجَمِ لَهُ) وللشّيخ عبدالله المصعبي، فامتنعَ الأخيرُ، فتولَّى الشّيخُ سليمان الشّمّاخي رئاستَه، وبقي فيه إلى وفاته.توجَّهَ إلى الحجِّ هو ورَفِيقُه الشّيخ أحْمَد بن رَمَضَان بن أحْمَد الغُول سنة 1234هـ/ 1819م وتُوُفِّيَا في حجّتهم تلك، ودُفنا بِمَكَّةَ المكرّمة شَرَّفَهَا الله، فتولَّى رئاسةَ مدرسة الجامع الكبير بعدَه الشّيخُ سعيد بن عيسى الباروني (ت1284هـ). ينظر: الشَّمَامِخَة (نبراس المشارقة والمغاربة)- الفصل الأوّل (مقال غير منسوب)، بتصرّف، تاوالت (موقع)، بتاريخ:22/3/2017م.

([2]) ينظر: تاريخ جزيرة جربة ومدارسها العلميّة، ص153، أيضا: جزيرة جربة في موكب التّاريخ، ص110.

([3]) لكنّ المرجعين نفسيهما يذكران أنّ تولّيه لرئاسة التّدريس كان سنة 1220هـ! ويجعلان مدّة مكوثه في جربة تجاوز الستّين عاما بقليل أي إلى وفاته، انظر: المرجعين على التّوالي، ص154- ص110. والحقّ أنّ الشّيخ سعيد في هذا التّاريخ المذكور لا يزال في وكالة الجاموس، فقد نسخ فيها كتاب النّكاح للجنّاوني، برقم: 114 في المكتبة، وذلك صبيحة الجمعة أوائل شعبان 1222هـ، ونحتمل أيضا أنّها حُرِّفت سنة 1820م وهي سنة تولّيه الرّئاسة بالسّنوات الميلاديّة إلى سنة 1220هـ بالسّنوات الهجريّة!